mercredi 10 août 2011

محاكمة الفرعون

أوّل حاكم عربي في القفص! 2/2
رشاد أبوشاور
مبارك هو (بطل) المشهد، ولكنه ليس البطل الوحيد، فهناك إبناه علاء وجمال، ووفّر لهما كل أسباب الثراء، وكاد أحدهما يخلفه على الكرسي، وليس على السرير، أدارا ظهريهما للكاميرات مرارا حتى لا يُرى الأب في حالته المزرية، ولكن الكاميرا لا تأبه بمشاعر الابنين، ومحاولاتهما الساذجة، وهكذا استمتعنا بالمشهد الذي لم يغب عنه وزير الداخلية (الرهيب) وأركان أجهزته الأمنية، بل واستمتعنا بمداخلات محامين يدافعون عن المخلوع، بطريقة حسن سبانخ المحامي الفهلوي في فيلم (الأفوكاتو)!
ظهر الابنان بالملابس البيضاء أسوة بملاءات سرير أبيهما، دلالة على نقاء السريرة، ونظافة الكف، والبراءة من التهم، ولفت الانتباه تشبث يمنى كل منهما بنسخة من القرآن الكريم..أي والله: القرآن الكريم..وكأنهما مؤمنان، بل ومن فرقة سلفية برزت بعد انهيار النظام
نكّت المصريون على الرئيس المبطوح على السرير الطبي، وهو يحشر إصبعه في..أنفه ـ راجل مش نظيف ـ ويرفع رأسه كالقوقعة، ويرّد على رئيس المحكمة: نعم.أفندم ..حاضر.. ثمّ وهو ينكر التهم الموجهة له، بصوت أجّش مهزوم: أنكرها جميعها.

حجم النكت المتدفق من شعب مصر على المواقع، والهواتف الخلوية، يكفي لإصدار مجلدات تليق بفخامة الرئيس المخلوع، المتمارض ونجليه الثريين المقفوصين (نسبة إلى القفص)! 
من أوحوا للمخلوع بالانبطاح على السرير ـ لا أظن أنهم أوصوه بأن يدس إصبعه في منخاره..وهات يا تحريك!ـ ولكن ربما أوصيا الابنين أن يدخلا القفص متشبثين بالقرآن الكريم..لزوم التأثير على الشعب المصري المؤمن الورع وهو يستقبل شهر الصيام، ليرأف بالرئيس المسكين البريء الطاهر الذيل هو ونجليه الفقيرين لله، والذين مثله أنكرا التهم الموجهة لهما!
 
من الطريف أن ابن القذافي المدعو سيف الإسلام ـ أي إسلام الذي هذا سيفه! ـ ظهر مؤخرا وهو يرتدي الجلاّبية البيضاء، وعلى رأسه طاقية قماشية بيضاء، وبلحية طويلة، وهو يتحدث عن التواصل مع الجماعات الإسلامية المعارضة للتفاهم معها!
دائما لجأ الحاكم العربي للتدليس على الجماهير بارتداء زي الدين، وقد توجه بعضهم للحج، والعمرة..وهنا أذكّر بمشهد بن علي وهو يتشعبط على الحجر السود وينشج نشيجا مرّا..ذلك الفاسق!
يقال في الأمثال: الضرب في الميّت حرام..وأنا أرى أن المخلوع مات، وبدا يتفسخ، حتى وهو يتحرّك في السرير، ويدس إصبعه في منخاره، ولذا ليس مهما أن يعدم، وإن صدر ألف قرار بإعدامه..فقد أعدم في القفص، وانتهى أمره.
ثلاثة رؤساء حكموا مصر: جمال عبد الناصر الذي سارت في جنازته أكبر حشود سارت في جنازة في العالم.
أنور السادات الذي اغتاله جنود من الجيش المصري في يوم نصر6 أكتوبر عام1981..و..مبارك الذي خلف السادات.. وانتهى في القفص!
تستبشر الجماهير العربيّة في البلدان الثائرة، والمنتفضة، والمتأهبة..بأن القفص لن يكون الأخير، وأن المشهد لن يكون الأوّل والأخير في مسلسل الحكّام الجديرين بهذه النهاية.
اللهم بجاه رمضان وبركاته احشرهم جميعا في الأقفاص، هؤلاء الذين تعاملوا مع الشعوب كما لو أنها دجاج..وهم الديكة!
اللهم بجاه هذا الشهر الفضيل مكّن شعوبنا من نتف ريشهم.
فليذوقوا ما يستحقون، فلا رأفة ولا شفقة مع من أهانوا شعوبنا، وأمروا بقتل بناتها وأبنائها في عتمات السجون، وساحات وشوارع المدن الثائرة فداءً للحرية والكرامة.


عن جريدة القدس العربي  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire